فنان الشهر: نوف عبد الكريم
نوف عبد الكريم فنانة وباحثة متعددة التخصصات، تتعمق أبحاثها في استكشاف التجارب الثقافية من خلال عدسة الأنثروبولوجيا الاجتماعية.
بدأت رحلتها من مدينة جدة، حيث شكلت نشأتها فهمها لتعقيدات الهوية والمجتمعية، مع التركيز الأساسي على توثيق تقاطع بين الصوت واللغة والمكان، وتتسم اهتماماتها وممارساتها المتنوعة بالأسلوب تجريبي، بدءًا من الكتابة النثرية والشعرية إلى الموسيقى والفنون البصرية.
تزامنت بداياتها كمتدربة اتصالات وتواصل في مؤسسة فن جميل مع افتتاح حي جميل عام 2021، مما وفر لها منصة لممارسه شغفها بالفنون، كمتدربة ثم باحثة، قامت نوف بتنمية علاقاتها بالمشهد الفن المحلي، وعززت قوة الحوار والروح التعاونية بين الفنانين والمجتمع المحلي.
تدرس نوف حاليًا الأنثروبولوجيا الاجتماعية في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بلندن، وتطمح إلى تأسيس ممارساتها الإبداعية على الدقة الأكاديمية، وبناء ثقتها كباحثة وراوية قصص عليها، إذ تشعر أنها ضرورية في عصر تكثر به الألقاب الفنية دون خلفية جوهرية.
يجسد مشروعها “عراف الصوت: حكايات غنائية من البحر الأحمر” مع مشروع “فلي” هذا المنهج، إذ ارتكز على العلاقة بين الصوتيات الحضرية والهوية الثقافية، مستوحاة من لحظة عميقة أثناء الاستماع إلى أداء مباشر لمحمد عبده، إذ تأثرت بالعبارات المحلية في كلماته، أدركت نوف وقتها قوة الصوت في استحضار المكان والذاكرة، وأصبحت هذه الرؤية حجر الزاوية في بحثها، مما دفعها إلى استكشاف طرق بديلة للتفاعل مع المجتمعات من خلال الأصوات، فيركز البرنامج على الحوار المفتوح والاستكشاف التعاوني، بهدف الكشف عن المعاني المتعددة الطبقات للبيئة الحضرية في جدة، ومن خلال عملها، تطمح نوف إلى خلق مساحات شاملة لأصوات المجتمع، تعكس نسيجًا غنيًا من التجارب التي قد يتم تجاهلها أو نسيانها.
تنطلق ممارسة نوف بشكل أساسي من خلال تقديرها العميق للتراث الأدبي العربي، والشعر. شكّلت تجارب متباعدة ومختلفة بشكل وثيق علاقتها الخاصة مع اللغة وتحديدًا في المشهد السعودي مثل تجربة القصيدة النبطية في ممارسة الشاعر بدر عبد المحسن –رحمة الله– والتجربة الشعرية الحديثة في قصيدة محمد الثبيتي -رحمة الله-، إذ تطرح من خلال التعامل مع هذه الممارسات استفهامات عميقة عن تلقي اللغة والتعامل معها في السياقات الاجتماعية، فهي تدرك مقدار عمق تأثير هؤلاء الفنانيين للسرديات الثقافية، وتستمر في استلهام من مساهماتهم المبتكرة في الشعر والموسيقى، ومن خلال دمج هذه التأثيرات في ممارستها، تسعى نوف إلى الارتقاء بالخطاب المعاصر حول الهوية والمكان في المملكة العربية السعودية.
تلتزم نوف بتأسيس عملها حول الأصالة بينما تتنقل في رحلتها الفنية، وتأمل أن يصل صدى صوتها إلى المجتمعات التي تحاول تمثلهاـ فتمثل قصتها كشهادة على القوة التحويلية للفن كوسيلة لفهم الذات والبيئة، وتجسد روحًا إبداعية تسعى إلى التواصل والتأمل والإلهام